منذ تأسيسه في الثمانينيات، كان حزب الله محورًا للنقاشات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط. اليوم، مع التغيرات الإقليمية والدولية، والتحديات الداخلية والخارجية، يطرح سؤال نفسي مهم: هل انتهى حزب الله، أم أن قوته النفسية الداخلية تجعله صامدًا أمام كل هذه التحديات؟
الهوية هي أساس قوة أي جماعة. بالنسبة لحزب الله، الهوية النفسية الجماعية تلعب دورًا مركزيًا في الحفاظ على وحدته وصلابته. نشأ الحزب في بيئة من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما منح أفراده إحساسًا قويًا بالانتماء لمهمة مقدسة. هذه الهوية، المتجذرة في المقاومة والإيمان، هي ما يجعل الحزب متماسكًا حتى في أحلك الظروف.
الصمود النفسي هو قدرة الأفراد والجماعات على مواجهة الشدائد والاستمرار في النضال. حزب الله بنى ثقافة نفسية قائمة على الصبر والمقاومة. الخطاب الديني والقومي للحزب يلعب دورًا في تعزيز معنويات أعضائه ودفعهم للاعتقاد بأنهم يدافعون عن قضية أسمى. هذا النوع من الاعتقاد يمنح القوة النفسية، ويجعل من الصعب على الحزب أن ينكسر بسهولة.
ومع ذلك، يواجه حزب الله تحديات داخلية كبيرة. الأزمات الاقتصادية والسياسية في لبنان، والضغوط الشعبية ضد الطبقة الحاكمة، ألقت بظلالها على الحزب. الأفراد داخل الحزب، كما في أي مجموعة، يمكن أن يتعرضوا للإحباط والتشكك في قدراتهم على تحقيق الأهداف. هناك شعور متزايد بالتوتر النفسي بين بعض أعضاء الحزب، نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة.
إسرائيل، ودول غربية وإقليمية، تمارس ضغوطًا نفسية هائلة على حزب الله. الحروب السيبرانية، المعلومات المضللة، والعمليات العسكرية المحدودة تهدف إلى تقويض معنويات الحزب. الحرب النفسية جزء أساسي من الصراع، وهي تهدف إلى خلق شكوك داخلية حول قدرة الحزب على الاستمرار. لكن الحزب أثبت في السابق أنه قادر على التصدي لهذه الضغوط بشكل فعال.
هل انتهى حزب الله نفسيًا؟ الإجابة معقدة. على الرغم من التحديات الهائلة، إلا أن قوة الهوية النفسية للحزب والصمود الداخلي جعلاه قادرًا على البقاء. قد لا ينتهي الحزب بشكل مباشر بسبب ضربة عسكرية أو ضغط اقتصادي، لكن التآكل النفسي الداخلي على المدى الطويل قد يكون العامل الأكثر تأثيرًا في مستقبله.
في النهاية، حزب الله لم ينتهِ نفسيًا، ولكنه يواجه تحديات غير مسبوقة. القدرة على الصمود النفسي، كما هو الحال في أي جماعة، تعتمد على الحفاظ على الهوية الجماعية، المعنويات العالية، والقدرة على التكيف مع المتغيرات. فقط الزمن سيكشف ما إذا كانت هذه القدرة ستستمر أم ستضعف تدريجيًا بفعل الضغوط الداخلية والخارجية.